×
الأبناء ....و الثقافة الجنسية

 

 

يتعرض الأبناء لكثير من المواقف و المعتقدات بما يخص الجنس و الحياة الجنسية . و بسبب التطور الهائل الذي يطرأ يوميا على تقنيات المعلوماتية ووسائل الإعلام , فإنهم يتمتعون بفرصة الحصول على معلومات خاصة في هذا المجال بكل سهولة , بعكسنا نحن الأكبر جيلا, حيث أن مجرد النطق بكلمة " جنس " كان من الممنوعات في حينها .

و تكمن الخطورة في كون أن المعلومات قد لا تكون دقيقة و تؤدي الى تشويش أفكارهم لاحقا في حياتهم و قد لا يكون لديهم الشجاعة الكافية للتوجه إلينا , نحن الآباء , بإستفساراتهم عن هذا الموضوع بسبب الخجل تارة , و بسبب إمتناع الأهل عن الإستجابة لهذا المطلب تارة أخرى بحجة أن الموضوع سابق لأوانه , بينما السبب الحقيقي هو عدم وجود الخبرة الكافية لديهم للبدء في هكذا نقاش .

هنا تكمن أهمية التثقيف الجنسي الصحيح للأبناء , و خاصة في فترة ما قبل البلوغ وأثنائها , حيث أن الهدف الرئيسي منه هو السعي للتقليل من المخاطر المترتبة على النتائج السلبية للسلوك الجنسي , و خاصة السيء منه , و منع إنتشار الأمراض الجنسية , و كذلك تحسين نوعية العلاقات بين الشباب و تنمية قابليتهم على إتخاذ قرارات مناسبة خلال حياتهم كلها .

بألتثقيف الجنسي الصحيح , ننمي لديهم المعتقدات الصحيحة عن الجنس و الهوية الجنسية و العلاقات الحميمة الشرعية بين الجنسين و نمنحهم الفرصة لبناء و تشكيل طريقة صحيحة للتصرف لديهم فيما بعد .

كذلك فإن الثقافة الجنسية الصحيحة , و في السن المناسب , تهتم بموضوع تنمية مهارات الشباب و صغار السن بحيث يستطيعون بناء قدراتهم و إختياراتهم في موضوع السلوكيات العامة و تنمية الشعور بالثقة و التصرف بكفائة في موضوع الإختيار .

و حتى لا يساء فهمي , فإن المهارات التي يحصل عليها أبنائنا من التثقيف الجنسي الصحيح ليست بالضرورة مهارات جنسية , بل مهارات حياتية عامة , كالتواصل مع الأخرين و التباحث معهم و مناقشتهم و البحث معهم عن أصول المساعدة و النصح , و هي مهارات يمكن الإستفادة منها في العلاقات الزوجية لاحقا . و هذا سيساعدهم في التفريق بين ما هو دقيق او غير دقيق .

كذلك , فإن التثقيف الناجح يتناول أمورا حساسة لها علاقة بالجنس من منظور إجتماعي و نفسي , كالإجهاض و منع الحمل . و علينا, نحن الآباء , أن لا نخيف ابنائنا من موضوع الجنس . بل بالعكس , يجب علينا أن نستغل أية فرصة تتاح لنا للوقوف على ما بحوزة الأبناء من معلومات و ثقافة لها علاقة بموضوع الحياة الجنسية و البدء بطرح هذا الموضوع عليهم و التباحث في أمره و إعطائهم النصح ,كل حسب تطوره الجسماني و الفكري و النفسي .

بالإضافة لواجبات البيت و الأهل التثقيفية تجاه الأبناء ,يقع عبء كبير على المؤسسات التعليمية و المدارس , حيث أن التثقيف فيها يجري بصورة منهجية ضمن دروس منظمة يتفاعل من خلالها الطالب مع المعلم و مع زملائه . و في كثيرمن دول العالم المتحضرة , يتم إشراك الأهل في هذه البرامج حيث تتعاون المدرسة معهم في زيادة وعي الأبناء و إعطائهم المعلومة الصحيحة و حينها تكون الفرصة متاحة للأهل للإستمرار بتطوير ثقافة ابنائهم الجنسية و صقلها بشكل صحيح من خلال التواصل معهم أثناء وجودهم في البيت .

كذلك فإن لمؤسسات المجتمع التثقيفية و العلمية كافة , بما فيها المراكز التي تعنى بالصحة النفسية , دور هام في هذا المجال .

و من الأمور التي يجب أن يتناولها التثقيف الجنسي الصحيح و الناجح ,التغيرات الجسدية و الأحساس الذي يصاحب سن البلوغ . كذلك موضوع التلقيح و الإنجاب و الأمراض الجنسية ومن ضمنها مرض نقص المناعة المكتسب . و مع تقدم الأبناء بالسن , يجب التطرق لموضوع تنظيم الأسرة و العلاقات الحميمة بين الجنسين مع التأكيد على قدسية الزواج و الإلتزام به و التأكيد على الحب المتبادل بين الزوجين و إحترام القوانين التي تتعلق بالسلوك الجنسي و العلاقات الإجتماعية عامة و يجب إطلاعهم على و جهات النظر الدينية و الثقافية بما يختص بالحياة الجنسية .

كثيرا ما نتسائل عن السن المناسب للبدء في عملية التثقيف الجنسي للأبناء . و يتفق اصحاب الشأن على أهمية البدء بذلك مبكرا , قبل سن البلوغ و قبل أن يتطور لدى صغارنا سلوك معين له علاقة بالجنس . و يجمع الباحثون في هذا الموضوع على أن العمر المناسب للبدء يعتمد على التطور الجسماني و الفكري و النفسي لدى الأبناء بالإضافة لمستوى الفهم لديهم .

فلنتسلح بالجرأة اللازمة و نشرع في وضع فلذات أكبادنا على الطريق الصحيح لما له من تأثير كبير على نموهم الفكري و النفسي , و نمنحهم الثقة بالنفس و نطلعهم على خبايا الأمور بكل موضوعية ووضوح يتناسب مع سنهم , و لنكن نحن البادئون بطرح الموضوع لأنه من الضروري أن نعرف أن لديهم صفة الحياء وقد لا يسألون , لكن هذا لا يعني أنه ليس لديهم ما يسألونه .

 

 

                                                         الدكتور ماهر زبانة