×
التدخين... آفة العصر و تراجيديا الصحة العامة

التدخين:  آفة العصر...و تراجيديا الصحة العامة

 

يعتبر التدخين من اهم أسباب الوفاة المبكرة و التي يمكن تفاديها . و هو المسبب الرئيسي لأكثر من ثمانية عشر نوعا من السرطان بالإضافة لأمراض قاتلة أخرى غير سرطانية . وهناك الكثير من الأدلة التي تظهر مساوئ التدخين المباشر وغير المباشر على الصحة حيث اثبتت الأبحاث انه يضر بجميع أعضاء الجسم دون استثناء.

يحصد التدخين أرواح أكثر من خمسة ملايين نسمة في العالم سنويا و يتوقع ارتفاع هذا الرقم إلى أكثر من ثمانية ملايين في عام 2030 . و الفئة المعرضة أكثر من غيرها هي فئة الشباب في سن البلوغ و حوله . و تظهر البيانات أيضا أن التدخين سيحصد أرواح أكثر من مليار شخص في القرن الحادي و العشرين . و يخسر الشباب المدخن حوالي أربعة عشر عاما من عمره بسبب إقباله على التدخين .

أما في الجانب المادي , فالتدخين يُحمل دول العالم عبئا كبيرا من مليارات الدولارات و التي تصرف على برامج الرعاية الصحية الأولية الخاصة بمكافحة التدخين بالإضافة لكلف علاج ممن يصابون بأمراض يسببها التدخين و هي كلف عالية نسبيا .

و يبقى التدخين أحد أهم تحديات برامج الصحة العامة في كل دول العالم , و يعتبره البعض "تراجيديا العصر" .

و مع أن برامج مكافحة التدخين على مستوى العالم في ازدياد , إلا أن هذه الآفة لا زالت تتفاقم و يزداد يوميا عدد المدخنين في دول كثيرة. و قد عمدت حكومات عديده من دول العالم إلى وضع خطط خاصة للحد من التدخين حيث شرعت قوانين صارمة خاصة بذلك و زادت نسبة الضرائب على التبغ و مشتقاته و وضعت برامج صحية خاصة لمساعدة المدخنين على التخلي عن هذه العادة البغيضة مما كان لهذه السياسات الأثر الكبير في انخفاض أعداد المدخنين في تلك الدول  .

و تعتبر مناطق شرق آسيا و غربها بالإضافة إلى شرق أوروبا من أكثر المناطق انتشارا للتدخين بين الرجال في العالم , بينما تبقى أوروبا بشكل عام الأعلى حضورا بين  قارات العالم بالنسبة لعدد النساء اللواتي تتعاطين التدخين .

لا يقتصر التأثير الضار للتدخين على التسبب بأمراض القلب و الشرايين و الرئة كما هو معروف , بل يتعدى ذلك إلى التسبب بأمراض أكثر خطورة كسرطان الكلى و المثانة البولية . كما أن هناك دلائل على تورط التدخين بسرطان غدة البروستاتا أيضا . حيث أثبتت الدراسات أن التدخين يزيد من خطورة الإصابة بسرطان المثانة بأربعة أضعاف لدى المدخنين نسبة لغيرهم . كما أثبتت ان نسبة الوفيات بسبب سرطان غدة البروستاتا أكبر لدى المدخنين حتى مع العلاج المناسب . و نفس الشيء ينطبق على اعتلال الإنتصاب و الضعف الجنسي عند الرجال , خاصة إذا بُدِء التدخين في سن مبكرة . كذلك فللتدخين أثر سيء على القدرة الإنجابية للرجال و النساء على السواء .

يعتبر التدخين و الإدمان على التبغ و مشتقاته إعتلالا و  " خللا مرضيا مزمنا " يزداد سوءا في حال عدم الخضوع لعلاج مناسب و يُعتقد بوجود خلل ما في مناطق معينة من الدماغ التي تسيطر على" القدرة بأخذ ألقرارات  و الأحكام المناسبة للتوقف عن التدخين " , و تقع هذه    " المناطق "  تحت تأثير عوامل وراثية عديدة بالاضافة لعامل الثقافة  و تأثير البيئة المحيطة بالانسان . و تتضمن خطط العلاج المناسبة برنامج دوائي - وظيفي ­– نفسي يأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المساعدة على التدخين و الإدمان على مركبات التبغ و النيكوتين .

كذلك علينا ان لا ننسى أهمية وضع تشريعات صارمة من قبل  الدولة للحد من استنزاف مقدراتها و الحفاظ على الصحة العامة في مستوى يليق بالقرن الحادي و العشرين .

 

الدكتور ماهر فوزي زبانة

10-4-